المقالات
دور السن في الحياة الزوجية
Whatsapp
Facebook Share

دور السن في الحياة الزوجية

بقلم الدكتور محمد كمال الشريف


 

لا يرتبط الحب بسن معيّن، إنّما ينعكس السن على شكل المحبوب ولياقته البدنيّة ومقدار النضج في شخصيّته، وهذه كلّها عوامل تؤثِّر في جاذبيّته للجنس الآخر، إذ تقوم هذه العوامل بإثارة مشاعر وعواطف تختلف بالنسبة للمحب بحسب سن المحبوب وصفاته الجسميّة والنّفسيّة.

 

والحب له أشكال:

 

أوّلها الحب الاعتمادي: وهو حب الطفل للكبار، حيث هو قائم على اعتماده عليهم وتوقّعه لعطائهم دون أن يُقدِّم من جانبه لهم مقابل ذلك شيئاً... أمّا في المراهقة فيغلب على الحب الطابع الرومانسي: حيث يصبح المحبوب في نظر المحب مخلوقاً مثاليّاً ملائكيّاً، وبعد الزّواج وهدوء المشاعر الجنسيّة يتحوّل إلى حب الرّفقة والصّحبة الّذي يستمر إلى نهاية العمر.

 

وتوافق الفتاة الشّابة على الزّواج برجل في عمر أبيها في أغلب الأحيان استجابة لضغط الأهل أو الظروف الحياتيّة القاسية... فالأهل لهم مصلحة ماديّة أو اجتماعيّة في هذا الزّواج فيضغطون عليها... أو تكون حياة الفتاة في بيت أهلها تعيسة بسبب الفقر والحرمان، أو سوء المعاملة من أبيها أو أمّها أو إخوتها، فتَقبل بأوّل خاطب وبخاصّة إن كان لديه من المال ما يكفل لها حياة مريحة معه.

 

لكن قد توافق الفتاة على رجل بعمر أبيها لأنّها انجذبت إليه وأُعجبت به وأحبّته، وقد يعكس ذلك تعطشها للحنان الأبوي الّذي حُرمَت منه إمّا لوفاة أبيها أو لقسوته وبرود عاطفته، وقد يعكس طريقة عقلانيّة زائدة في تفكيرها حيث تنظر إلى الرّجل المسن على أنّه ناضج وحكيم، وتتوّجس من الشباب لأنّهم في رأيها طائشين ومتسرعين... وقد يعكس حبّها لرجل في عمر أبيها امتلاك هذا الرّجل لعناصر قوّة تجعله مَحَط إعجابها وتعوّض عن تقدمه في السن.

 

فالمرأة تنجذب وتُعجب بقوّة الرّجل، والقوّة لها أشكال، منها الماديّة والبدنيّة ومنها المعنويّة. فالرّجل صاحب المكانة العالية أو الموهبة العظيمة يبقى جذاباً للكثيرات رغم العمر.

 

والمشكلة ليست في وجود مشاعر الحب لدى الفتاة تجاه رجل في عمر أبيها، إنّما في زواجها منه دون التّفكير بحالهما بعد عشرين سنة مثلاً حيث يبلُغ هو الخامسة والستين مثلاً وهي ما زالت دون الأربعين.

 

كما إنّ مثل هذا الزّواج ينجح عندما تكون ثقافة الزّوجين والمجتمع ثقافة بسيطة كالمجتمعات الريفيّة أو القديمة الّتي لم تتعقّد ثقافيّاً كما هو حال المجتمعات المعاصرة. ففي المجتمع البسيط بثقافته تكون الفوارق بين ابن الأربعين وبنت السابعة عشرة غير هامّة إلّا من الناحية البدنيّة. لكننا في عصر معقّد وغني ثقافيّاً ويزداد نضجنا كل يوم وبالتالي ستختلف العقليّة والنظرة إلى الأمور مع وجود فارق كبير في السن وهذا قد يعيق نجاح الزّواج.

 

أمّا الرّجل فينجذب إلى فتاة في عمر ابنته لأنّه يحبّ الجمال، والجمال الجسدي في الصغيرات أوضح، لكن الّذي ينظر إلى الزّوجة من حيث الشّخصيّة والعقل فإنّه إن كان على قدر من الثقافة فلن ينجذب إلى من تقلّ عنه كثيراً من حيث الخبرة في الحياة والنضج في الشّخصيّة.

 

وبعض الرِّجال يصرون على الصّغيرات أنانيّة منهم حيث لا يفكِّرون بأهميّة إشباع حاجات الزّوجة الصّغيرة العاطفيّة مثلما يفكِّرون بإشباع أنفسهم، وحيث هم يُقاومون الحقيقة أنّهم تقدّموا في السن، فكأنّ الزّواج من الشّابة الصّغيرة يبقيهم شباباً.

 

والمجتمع يستغرب زواج الرّجل ممّن هي في سن ابنته حيث قد يعجز عن فهم دوافع هذا الزّواج، لكن الحسد والغيرة يكمنان وراء استنكار البعض ممّن يثورون على مثل هذا الزّواج لأنّهم يعلمون أنّهم لن يستطيعوا أن يفعلوا مثله.

 

يبقى من المهم توعية الجيل الجديد دائماً بالعوامل الّتي تكفل لهم حياة زوجيّة ناجحة، وذلك ليأخذوها في الحسبان عند اختيار شريك الحياة، وكي لا يقوم اختيارهم على عامل واحد أو اثنين دون مراعاة العوامل الهامّة الأخرى.

تعليقات

لا توجد تعليقات بعد


تعليقك هنا
* الاسم الكامل
* البريد الإلكتروني
* تعليقك
 

حقوق النشر © 2017 جميع الحقوق محفوظة