الضرب في الحياة الزوجية.. دوافعه، تفاديه، وآثاره
الضرب في الحياة الزوجية.. دوافعه، تفاديه، وآثاره
Whatsapp
Facebook Share

الضرب في الحياة الزوجية
-دوافعه، تفاديه، وآثاره-

بقلم الدكتور محمد كمال الشريف


 

  1. لماذا يلجأ الرجل إلى الضرب كوسيلة للتفاهم مع زوجته؟
  2. كيف يمكن للزوجين أن يحولا دون تحول الحوار إلى معركة يضرب أحدهما فيها الآخر؟
  3. قال أن هنالك أناس وبخاصة من النساء يحببن أن يضربن، فهل هذا صحيح؟
  4. ما أثر مشهد ضرب الأم على أطفالها؟

 

1. لماذا يلجأ الرجل إلى الضرب كوسيلة للتفاهم مع زوجته؟

 

الضّرب وسيلةٌ للإخضاع والعقاب وليس للتّفاهم، والرّجل يلجأ إلى الضّرب ربَّما لأنَّه عاجزٌ عن التّفاهم والتّواصل النّاجح، وربَّما لأنّه رأى والده يَحِلُّ خلافاته مع والدته بضربها فتخضع وتنتهي المشكلة، وربَّما لجأ الرّجل إلى الضّرب لأنَّ غضبه وصل إلى مستوىً شديداً وكان ضعيفاً عاجزاً عن أن يملُك نفسه إذ غضب، وربَّما لأنَّه ضربها ذات مرّةٍ فوجد أنَّ ضربها حقَّق المطلوب فاستقامَت حالها معه بغضِّ النّظر أكانت ظالمةً أو مَظلومةً، والإنسان يلجأ إلى الوسائل الّتي جرّب نجاحها وحقّقت له ما يُريد... وأحياناً ترتكب المرأة مِن القول أو الفعل ما يُهدِّد إحساس الزّوج بقَدره ورجولته وبالتّالي يشعر أنَّ مكانته وكرامته مُهدَّدةٌ إن لم يُدافع عنها بالشّتائم والضّرب.

 

2. كيف يمكن للزوجين أن يحولا دون تحول الحوار إلى معركة يضرب أحدهما فيها الآخر؟

 

من شروط الحوار النّاجح بين الزّوجين إدراك كل منهما أنَّ الحوار هدفه التّفاهم والتّواصل ومعرفة كلّ منهما لِمَا في نفس الآخر (ما يَسُرّه وما يَسُوءه)، وليس هدف الحوار الهجوم على الطّرف الآخر وإثبات أنَّه المُخطِئ والمُذنِب وبالتّالي وجوب الاعتذار عليه والتّغيُّر حالاً وعدم تكرار الخطأ، وكذلك حتّى لا يفضي الحوار إلى الضّرب يجب أن يخلوَ مِن أيّةِ كلمةٍ تُسيء إلى الطّرف الآخر أو إلى أهله حتّى لو كانت صحيحة، فلو شعر أحدهما أنَّ الآخر عاجزٌ عن فهم وجهةِ نظره فيجب ألّا يَعتبر ذلك غباءً ويُعَبِّر له عن اعتقاده هذا، إذ الحوار النَّاجح لا بُدَّ فيه مِن الوضوح ولكن لا بُدَّ فيه مِن لِينِ القول والحكمة في التّعبير عن السّلبيّات.

 

ويجب أن لا يكون الحوار تعبيراً وصورةً من تَمرُّد الزّوجة على زوجها، إذ التّواصل وإفهام كلٌّ منهما ما بنفسه للآخر ضروريٌّ وذلك ضمن إطار طاعة الزّوجة لزوجها، لكن هذا لا يعني أنَّ الزَّوجة المُطيعة يجب أن تقتنع بوجهة نظر زوجها، فالعقولُ مختلفةٌ، ورئاسة الزّوج للأسرة لا تعني أنَّه الأذكى والأفهم، لذا يجب أن تُعبِّر الزّوجة عن طاعتها لزوجها حتّى لو لم تَقتنع برأيه، فكلّنا نُطيع رؤساءنا حتّى لو لم نقتنع بوجهة نظرهم، والزّوجة الّتي تُطيع حتّى لو لم تقتنع ليست ضعيفةً بل مُطيعةً، والزّوجة الّتي لم تَقتنع بما يراه زوجها صواباً ليست غبيّةً ولا مُتخلِّفةً.

 

3. قال أن هنالك أناس وبخاصة من النساء يحببن أن يضربن، فهل هذا صحيح؟

 

هذه حالاتٌ نادرةٌ، ورُبَّما دلَّت على وجود اكتئابٍ نفسيٍّ وإحساسٍ عميقٍ بالذّنب ورغبة في مُعاقبةِ النَّفس ولو بيدِ الآخرين كالزّوج أو الزّوجة... وهذه الرّغبة في أن يُضْرَبَ الإنسان ويُهان نواجهها أكثر في حالات (المازوكيّة masochism) وهي الحصول على الإثارة الجنسيّة أثناء المُعاشرة الزّوجيّة نتيجة تلقِّي الإهانة والإيلام.

 

لكن يجب الحَذَر مِن أن يَنظُر الرّجل لزوجته أنَّها "تُحِبُّ أن تُضرَب" لِبُبَرِّرَ لجوءه إلى الضّرب والشّتائم عند كلِّ خلافِ، فباستثناء المصابين بالاكتئاب الشّديد لا أحد يُحبُّ أن يُضرَب، أمّا المازوكيّة فتقتصِر على اللّقاء الجنسي وليس عند الخلافات الزّوجيّة.

 

4. ما أثر مشهد ضرب الأم على أطفالها؟

 

يَبُثُّ في نفوسهم الرّعب والخوف من الأب ويجعلهم يكرهونه، ويُقلِّل من احترامهم لأمِّهم، ويُعَلِّم الصّبيان منهم أن يلجؤوا إلى العنف مع الآخرين ومع زوجاتهم في المستقبل، ويجعل البنات خائفاتٍ من الزّواج ولديهنَّ مشاعر مُتناقضة تجاه الرِّجال عندما يَكبرنَ حيث يمتزج الميل بالخوف، أمّا الصّبيان فتكون مشاعرهم مُتناقضةً تجاه النِّساء عندما يكبرون حيث يمتزج الميل بالاحتقار، وهذه المشاعر المُتناقضة تُعيقُ الحب.

حقوق النشر © 2017 جميع الحقوق محفوظة