المقالات
الفتاة كزوجة ثانية
Whatsapp
Facebook Share

الفتاة كزوجة ثانية

بقلم الدكتور محمد كمال الشريف


 

معَ أنَّ تَعدُّدَ الزّوجاتِ نِظامٌ شرعه الله وأوّلُ المُستفيدين منه هُنَّ النِّساء، فإنَّ الغيرةَ والرّغبةَ في أن يكونَ زوجُ المرأةِ كلّه لها تَجعلُ أغلب النِّساء يَكرهنَ أن يَتزوّجَ أزواجهنَّ بثانية أو أن يَكنَّ زوجات ثانيات، لكن للواقعِ ضغطه، وعادة إذا كبرَت المرأةُ في العُمرِ أو كانت أرملةً أو مُطلَّقةً ذات أولادٍ كانت فرصُ الزّواجِ المُتاحةِ لها في الغالِبِ كزوجةٍ ثانيةٍ، وعندها فإن رِضاها بهذا شيءٌ مَفهومٌ لأنَّه بالتّأكيد خيرٌ مِن حياةِ الوحدةِ وخيرٌ مِن الخطيئةِ الّتي يُمكِنُ أن تَقَعَ فيها المرأةُ بحثاً عن لَمسةِ حُبٍّ وحَنانٍ فلا تَجِد إلّا أنَّها جَسَدٌ مُشتهى.

 

لكن أن تتحمَّسَ فتاةٌ في العِشرين مِن عُمرِها أو رُبَّما تحت العِشرين للزّواجِ مِن رَجُلٍ عندهُ زوجة أولى وأطفالٌ فإنَّ ذلك شيءٌ غير مُتوقَّع ولا بُدَّ أنَّ له أسبابه. والّذي تَبَيَّنَ لي مِن خلالِ الحالاتِ الّتي اطَّلعتُ عليها في عيادتي كطبيبٍ نفسيٍّ أو استشرتُ فيها بالهاتفِ أنَّ هنالِكَ جوعٌ إلى الحُبِّ والحَنانِ لدى الكثيرِ مِن الفَتياتِ يَجعلهنَّ يَرضَينَ بأيِّ رَجلٍ يُقدِّمُ لَهُنَّ هذا الحُبِّ والحَنانِ الّذي يَبحثنَ عنه، والجوع إلى الحُبِّ والحَنانِ ينتجُ في الغالِبِ عن تَقصيرِ الوالِدَينِ في تَقديمه للفتاةِ وبخاصّةٍ الأب الّذي كثيراً ما يكونُ بعيداً عاطفيَّاً عن بَناتِه ولا يُنشِئُ صداقةً مَعهنَّ. إنَّ الأبَ الّذي بينه وبينَ ابنته مَحبَّة أَبويَّة وصَداقة، ولا يَبخَلُ عليها باللّمسةِ الأبويَّةِ الحَنون الخالية مِن الاشتهاءِ، والّذي يُثني على جَمالِ ابنته ثناءَ المُحبِّ الرّحيمِ الّذي يدعو لها ويتمنّى لها السَّعادةَ دونَ الوقوعِ في مشاعر مُنحرفة نحوها، هذا الأب يُغني ابنته عن البَحثِ عن الحُبِّ لدى رَجلٍ خارج البيت؛ ثمَّ إنَّه بحبِّه لها وتقديره لها واحترامه إيَّاها، يَجعلها واثقةً بنفسها وترى نفسها لا تَقلُّ عن غيرِها، وترى أنَّ مِن حقِّها إذا تزوَّجت أن تَحظى بأحسنِ الأزواجِ وبأحسنِ الظّروفِ، أمّا إذا قَصَّرَ الأب في دورِه، فإنَّ حاجةَ البنتِ الماسّة إلى الحُبِّ وحاجتها إلى مَن يُطمئنها على أنَّها مَرغوبةً كأنثى وتَقديرها المُتدنِّي لِذاتها، كلُّ ذلك يَجعلها ترضى وتتعلَّقُ بأيِّ رجلٍ يُبدي اهتماماً بها، سواء كان كبيراً في العُمرِ أو مُتزوِّجاً أو غير وسيم أو أقلّ منها ثقافة أو كان مُدمِناً وفيه بلايا الدُّنيا كلّها.

 

ومِن جهةٍ أُخرى هُنالِكَ لدى الكثير مِن الفتياتِ خوفٌ مِن العُنوسةِ يَجعلهنَّ يَبحثنَ عن زوجٍ منذ المَرحلةِ الثّانويّةِ ورُبَّما قبلَ ذلك، فيَأخُذنَ في المُغازلةِ بالهاتفِ وكثيراً ما يَقَعنَ في علاقةٍ عاطفيَّةٍ معَ رَجلٍ يَتَبَيَّنُ لَهُنَّ بعدَ تَعلقهنَّ به أنَّه مُتزوِّجٌ، وعندها تَغلبهنَّ عواطفهنَّ فَيُقنِعنَ أنفسهنَّ بأنَّهنَّ راضياتٌ به رُغم زواجه. الأصلُ أنَّ الأنثى تُطلَبُ وتُخطَبُ وهي الّتي تَختارُ فتَقبل هذا وتَرفض ذاك، لكن ظروف الزّواج في مُجتمعاتِنا جَعَلَت الأنثى تَسعى وراءَ أيّ رَجلٍ وهذا أمرٌ مؤسِفٌ، ولا حَلَّ له إلّا في تَحَسُّنِ مستوى المَعيشةِ بحيثُ يَستطيعُ كلُّ الشّبابِ الزّواجَ، وكذلكَ تَسهيل شروط الزّواجِ وتَعقيداته الّتي تَفرضها التّقاليد، ثمَّ تَشجيع تَعدُّدِ الزّوجاتِ على أَملِ أن يحلَّ مُشكلة الكثيراتِ مِن الأرامِلِ والمُطلَّقاتِ والعَوانِسِ لا مِنَ الشَّابَّاتِ الصّغيرات، حيثُ أن تكونَ هي الزّوجةُ الأولى خير لها، إذ يُمكِنُ لها التّمتُّع برومانسيَّةٍ أكثر ومَيِّزاتٍ أفضل إمّا طيلة حياتها أو لِعدَّةِ سنواتٍ على الأقل.

تعليقات

لا توجد تعليقات بعد


تعليقك هنا
* الاسم الكامل
* البريد الإلكتروني
* تعليقك
 

حقوق النشر © 2017 جميع الحقوق محفوظة