العتاب في الحياة الزوجية
العتاب في الحياة الزوجية
Whatsapp
Facebook Share

العتاب في الحياة الزوجية

بقلم الدكتور محمد كمال الشريف


 

  1. ما أهمية العتاب في الحياة الزوجية، وهل هو وسيلة لتصحيح العلاقة بين الزوجين، وهل قولة : "لا عتاب بين الأحباب" صحيحة؟
  2. هل إبداء الأسف على الخطأ يعني الضعف والخنوع؟
  3. هل الحوار هي الطريق الصحيحة لحل الخلافات الزوجية، وهل للحوار شروط؟

 

1. ما أهمية العتاب في الحياة الزوجية، وهل هو وسيلة لتصحيح العلاقة بين الزوجين، وهل قولة : "لا عتاب بين الأحباب" صحيحة؟

 

لقد صار لحلِّ الخلافات الزّوجيّة وتصحيح العلاقة بين الزّوجين مختصون وعلاجٍ خاصٍ معترف به يُسمّى "العلاج الزّواجي Marital Therapy"، ومن أهمّ عناصر العلاج الزّواجي الّتي لا يختلف على أهميّته معالجان التّواصل النّاجح بين الزّوجين؛ والتّواصل Communication -وأحبّ أن أسميه التّفاهم- هو إيصال ما في نفس الإنسان إلى إنسان آخر، وإفهامه ما بنفسه من آراء ومشاعر إفهاماً واضحاً بحيث يفهم الطّرف الآخر ما يريد قوله الطّرف الأوّل. والعتاب نوع من التّواصل، ولكنّه يتضمّن إضافة إلى إيصال المعلومة إلى الطّرف الآخر (مثلاً كأن تقول الزّوجة لزوجها: لقد ضايقني عدم اهتمامك بزينتي وثوبي الجديد) يتضمّن قدراً من اللّوم والحكم أنّ الطّرف الآخر مذنب، أمّا إن استطاع الزّوجان التّفاهم والتّواصل مع تَقبُّل عذر الطّرف الآخر فإنّ العتاب والتّواصل يكونان شيئاً واحداً، وشيئاً لا بدّ منه للحفاظ على علاقة زوجيّة ناجحة، وما أكثر الأسر الّتي تُعاني من التّعاسة أو يصل أمرها إلى الطّلاق لمجرّد أنّ الزّوجين أو أحدهما عجز عن إيصال ما بنفسه إلى الآخر مفترضاً أنّه لا بدّ للآخر أن يكون عارفاً لأخطائه ومع ذلك يصرّ عليها، وهذا في الأغلب غير صحيح، وعلينا ألّا نفترض ذلك، بل علينا إفهام الطّرف الآخر ما نحسّ به لعلّه يقدّم عذره أو يغيّر تصرفاته أو يبيّن لنا دوافعه.. وقولة لا عتاب بين الأحباب قولة خاطئة، إذا طُبِّقت بمعنى لا تواصل بين الأحباب، أمّا إن كان القصد منها دعوة الأحباب إلى التّسامح عن أخطاء بعضهم بعضاً فهي صحيحة ولا تتعارض مع أهميّة التّواصل والإفضاء بما في النّفس للطّرف الآخر.

 

2. هل إبداء الأسف على الخطأ يعني الضعف والخنوع؟

 

إنّ الاعتذار مفتاح القلوب، والاعتذار يحتاج إلى جرأة وثقة بالنّفس، وطمأنينة على القَدْرِ والقيمة الذّاتيّة بأنّها لن تتهدّد بالاعتذار عن الخطأ... أمّا رفض الاعتذار والمكابرة فدلالة على الكبر وسوء الخلق، أو على ضعف الثّقة بالنّفس، وبالتّالي خوفاً على قدر النّفس ومكانتها يمتنع الإنسان عن الاعتذار؛ والاعتذار لا يقلّل من احترام الزّوجة لزوجها ولا يتنافى مع قوامته عليها، وحتّى الاعتذار إلى أطفالنا إن تسرّعنا فظلمناهم باتّهامهم بما لم يفعلوا أو حتّى عقابهم عمّا لم يرتكبوا، اعتذارنا لهم يزيدهم حبّاً وتقديراً لنا ولا يهدّد مكانتنا في أعينهم.

 

3. هل الحوار هي الطريق الصحيحة لحل الخلافات الزوجية، وهل للحوار شروط؟

 

بالتّأكيد، الحوار والتّواصل الواضح بين الزّوجين هو خير طريقٍ لحلّ الخلافات الزّوجيّة، ولكن له شروط حتّى يكون ناجحاً، أوّلها: أن لا يتحوّل إلى جدلٍ ومراءٍ الهدف منه أن يُثبِت كلّ منهما أنّ الآخر هو المُخطِئ والمذنب، وثانيها: عدم التّفوّه بأيّ عبارة جارحة لمشاعر الطّرف الآخر، وأن لا يستخدم فيه التّهديد، وثالثها: أن يكون هادئاً طالما الهدف منه إيصال ما بالنّفس إلى الطّرف الآخر وليس عقاب الطّرف الآخر، وبالتّالي يكون ناجحاً طالما أنّ كلّاً منهما يحرِص على مشاعر الآخر، ورابعها: أن يكون كلّ منهما مستعدّاً لسماع ما بنفس الطّرف الآخر عنه دون أن يعتبر ذلك إهانة له، ودون أن يثور ويحوّل الحوار إلى شجّارٍ. ولعلّ أهمّ ما يجب ذكره عن التّواصل بين الزّوجين أنّه لا يكون ناجحاً إن هو اقتصر على إيصال الأفكار والمشاعر السّلبيّة والشّكاوى إلى الطّرف الآخر، بل يجب أن يكون هنالك تواصل للآراء والمشاعر الإيجابيّة، فإن أعجبك من زوجك شيء فأخبره واشكره، وإن أحببته فأخبره.

حقوق النشر © 2017 جميع الحقوق محفوظة