ماذا تريد المرأة من الرجل لتشعر بالأمان؟
ماذا تريد المرأة من الرّجل لتشعر بالأمان؟
الأمان ضدُّ الخوف، والإنسان يَشعُر بالأمان عندما يَطمَئِنُّ إلى أنَّه ليس في خطرٍ، وعندما يَتوقَّع السّلامة لنفسه ولِمَن يُحِبُّ ولِمَا يَملُك، ويَكتمل شعور الإنسان بالأمان عندما يَطمَئِنُّ على رزقه وأنَّه لَن يَمُرَّ في فَقرٍ وعَوزٍ وفَاقةٍ.
إنَّ التَّعلُّق بشخصٍ من الجنس الآخر مِن خلال الحبِّ والزّواج يَهدُف بالدّرجة الأولى إلى السّكن النّفسي والشُّعور بالأمان، وعُلماء النّفس المُعاصِرون يَعتبرون تَعلُّق الزّوج بزوجته وتَّعلُّق الزّوجة بزوجها بمثابة تَعلُّقٍ بديلٍ عن التّعلُّق بالأمِّ في طفولة الإنسان، وقد أثبتت الدِّراسات النّفسيّة أنَّ الطّفلَ الصّغيرَ يَتعلَّق بأُمِّه بالدّرجة الأُولى مِن أجل الأمان الّذي يّشعر به وهو بِقُربها.
والإنسان عندما يَكبر يَستقلُّ عن أمِّه ويّتحرَّر من اعتماده عليها، لكن النّفس عندها تَفتَقِد ذلك الشّعور الرّائع بالأمان الّذي يُحسُّ به الصّغير في أحضان أمِّه، ويَسعى إلى استعادة هذا الشّعور من خلال الحُبِّ والزّواج من شخصٍ من الجنس الآخر.
هنالك ثلاثةُ مَصادر للأمان في الحياة الزّوجيّة بالنِّسبة للمرأة، وأهمُّها أن تَشعُر بحبِّ زوجها لها وحنانه عليها لأنَّ حبَّه لها وغلاوتها عليه وارتباطه بها من خلال الزّواج يَضمَن لها أن يُقدِّم لها مصدَرَي الأمان الباقيين وهُما الحِماية والكِفاية، أي أن يَحمِيَها مِن المَخاطِر وأن يُؤمِّن لها احتياجاتها الماديّة دون بُخلٍ.
إنَّ أسباب الأمان بالنِّسبة للزّوجة تَنطبِق على جميع النِّساء على اختلاف الشّخصيّات أو المُستويات الثّقافيّة، وإن كانت الحياة المُعاصرة في أُسرٍ صغيرةٍ تتألَّف من الزّوج والزّوجة وأطفالهما قد جَعَلَت الزّوجة تَستَشعر الحاجة إلى صُحبةِ زوجها لها ووقته وحواره وحنانه بشكلٍ أكبر بكثيرٍ عمّا كان حالُ النِّساء قديماً.
المرأة تَطلبُ من زوجها أسبابَ الأمانِ من حُبٍّ وحِمايةٍ وكِفايةٍ ماليّةٍ بشكلٍ مباشرٍ عادةً، وما أكثر ما تسألُ الزّوجة زوجها عن حبِّه لها كي تَطمَئِنَّ مثلاً.
الرّجل يرى أنَّ الحِماية والكِفاية واجبان عليه تجاه زوجته وأطفاله وهو في حياته يسعى دائماً للإنجاز، وهو يَشعر بالسّكن والأمان الزّوجي عندما يَفوزُ بامرأةٍ جميلةٍ يَشعُر معها وبِقُربِها برجولته لأنَّها مُعجبةٌ بِقوّته وتُؤمِن بِقدرته على قيادة مَركبِ الحياة الزّوجيّة، وتُطيعه طاعةً تامّةً رُغم أنَّها قويّةُ الشّخصيّة وقياديّةٌ مع غيره، ثمَّ تَحفَظ له مالَه مِن أن يَتبدَّد وتَحفَظ له عِرضه، أي كما قال النّبي محمّد ﷺ : "خيرُ نسائِكم من إذا نظر إليها زوجُها سرَّتْه، وإذا أمرَها أطاعتْهُ، وإذا غاب عنها حفظَتْهُ في نفسِها ومالِه" (صححه الحافظ العراقي).
لا بُدَّ للرّجل حتّى يكون قادراً على منحِ المرأة الأمان المَنشود مِن أن يكونَ ناضجاً وقادراً على الحبِّ بطريقةِ الكِبار، أي الحبّ كي يُعطي وليس الحُبُّ كي يَأخُذ كما هو حال الأطفال... وكذلك يجب أن يكون قادراً على حِمايتها وعلى كِفايتها ماديّاً، وزوجٌ ضعيفُ الشّخصيّة لا تَشعُر زوجته وهي معه بالأمان الكافي لأنَّها تَخشى أنَّه لن يكون قادراً على حمايتها إن احتاجت إلى حمايته في يومٍ من الأيّام.
وهنالك أشخاصٌ من الجنسين لا يُحبُّون إلّا أنفسهم أو يَرونَ الحبّ امتلاكٌ للمحبوب وتَسخيرٌ له مِن أجل أنفسهم، وهؤلاء لا يُقَدِّمون الأمان للطّرف الثّاني أبداً.
لا تَختلِف نظرةُ الرّجل والمرأة إلى الأمان بعد الزّواج عمّا كانت عليه قَبله.
يَتناقَص شعورُ المرأة بالأمان بعد الزّواج عندما تَشعر أنَّ حُبَّ زوجها لها قد نَقُصَ، وعندما تَكتَشِف في الزّوج صفات لم تكن تَعرفها تَجعله لا يُقَدِّم لها الكِفاية الماديّة أو الحِماية، كأن يكون بخيلاً أو ضعيف الشّخصيّة أو فاسداً وأنانيّاً يَسعى وراءَ مُتعه ويُهمِل أسرته.
الأولاد عندما يأتون يُعَمِّقون الالتزام في العلاقة الزّوجيّة، ويُشكِّلون عامل ضغطٍ على الزّوجين للاستمرار في الحياة الزّوجيّة رغم المنغصات، وهم عموماً يَزيدونَ مِن شعورِ المرأةِ بالأمانِ في حياتها الزّوجيّة إلّا إن كان زوجها فاسداً لا يَتحمَّل مسؤوليّة أولاده.
عندما يَغيبُ الشّعورُ بالأمانِ في الحياة الزّوجيّة فإنَّ القلقَ والإحباط يملآن نفس المرأة، وعليها لاستعادة الأمان أن تبحث في سبب تقصير زوجها في توفير الأمان لها، فقد تكون العِلَّة فيه لأنَّه شخصٌ لا يتحمّل المسؤوليّة بل يسعى إلى إشباع شهواته ورغباته ويُهمِل أُسرته، لكن قد يكون الزّوج مُتضايقاً من تَصرُّفاتها وغاضباً منها ولا يَجِد في نفسه الدّافع كي يُقَدِّم لها إلّا ما هو مُضطرٌّ إلى تَقديمه، وفي هذه الحالة إن تَغيّرت فسوف يتغيَّر معها ويَتحسَّن ويَعود إلى العَطاء، فالرّجل يَشعر بالنّجاح والإنجاز عندما يَنجح في إسعاد المرأة الّتي يُحبّها.
الأمان الّذي يُعطيه الرّجل للمرأة هو أمانُ الحبِّ والحِماية والكِفاية، وقَد تَأمَّنَت الحماية للجميع في دولة القانون، والمرأةُ العاملةُ لديها من المالِ ما يكفيها، لكن يبقى الحبُّ والصُّحبة، وتبقى الأمومة الّتي لا يُمكِن تحقيقها بلا زوجٍ.