حول الفوائد النفسية للزواج
حول الفوائد النفسية للزواج
قد يتشكّك الإنسان في نتائج مثل هذه الدِّراسات عندما يضع في اعتباره الأعباء الماليّة والالتزام والقيود الّتي يقع تحتها مَنْ يتزوّج، ويتوقّع الإنسان بالتالي أن تكون النّتائج عكس ما يسمع، لكن الواقع لا يتمشّى مع الاستنتاج العقلي المتعجِّل، فنحن نقرأ في القرآن الكريم التّشجيع على تزويج الصّالحين سلوكيّاً حتّى لو كانوا فقراء، مع الوعد أنّ الله سيغنيهم بعد الزّواج من فضله ونؤمن بذلك لأنّ الله قادر على كلّ شيء، لكن هذه الدِّراسات تبيِّن لنا أنَّ المتزوِّجين ميَّالون إلى الادخار والاستثمار، وإلى النمو في أعمالهم ووظائفهم لما تشكِّله مسؤوليّة الزّواج من دافع نفسي إلى ذلك كلِّه، وكذلك الصِّحة النّفسيّة والبدنيّة تتحسّن عند الإنسان بالزّواج النّاجح، حيث أثبتت الدِّراسات الجادّة أثر الطمأنينة النّفسيّة في تقوية جهاز المناعة عند الإنسان، وكذلك أثر الضغوط النّفسيّة في إضعاف مناعة الجسم تجاه الأمراض العضويّة بدءاً بالزُّكام وانتهاءً بالسّرطان، كما أثبتت دراسات أخرى دور المساندة الاجتماعيّة، أي أن يكون للإنسان صديق أو أكثر يبثُّه همومه ويلمس منه التعاطف والمحبّة.
الإنسان كائن اجتماعي، ثمّ هو كائن ذو ذاتيّة مستقلّة، أي يشعر أنّه ليس جزءاً من أي شيء آخر في هذا الوجود، إنّه فرد له شخصه وحريته ووعيه بوجوده، وهذا يجعله يشعر بالوحشة والوحدة في الوجود، ويثير في نفسه قدراً عالياً جداً من "القلق الوجودي" وهذا غير القلق المَرَضي، والوجوديون الّذين بحثوا هذا القلق من النّاحية النّفسيّة والفلسفيّة لم يجدوا أفضل من الحب دواء لهذا القلق العميق المصاحب للوجود الإنساني، لذلك كان الهدف الأكبر للزّوجيّة والزّواج قوله تعالى: ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ ولم يقل: "لتسكنوا معها"، إنّما هي السّكينة النّفسيّة والطمأنينة الّتي يستمدُّها الإنسان من خلال علاقة المودّة والرّحمة مع إنسان آخر هو الزّوج أو الزّوجة تجعل الإنسان يعيش أطول ويُصاب بالأمراض النّفسيّة والعضويّة أقل من غيره.