الاعتمادية عند المرأة والاستقلالية عند الرجل

قولهم: "درّب زوجتك على أن تعيش كأرملة" يبدو لي من النّاحية النّفسيّة أنّه يتحدّث عن مشكلتين من مشكلات الحياة الزّوجيّة: الاعتمادية الزائدة من المرأة على الرّجل، وحرص الرّجل على استقلاليّته حتّى بعد الزّواج. وهما مشكلتان مرتبطتان، حيث يمكن للاعتماديّة الزائدة عند الزّوجة أن تجعلها تملكيّة تحاصر زوجها دائماً خائفة أن تفقده.

إنّ الاعتمادية والاتكاليّة من خصائص الطفولة الإنسانيّة حيث يكون الإنسان ضعيفاً في حاجة إلى غيره يعتمد عليهم، وحب الطفل حب أخذ واعتمادية، أمّا حب الكبار الذي يبدأ في الظهور في المراهقة فإنّه حب عطاء وتضحية من أجل المحبوب، تضحية قد تصل إلى حد تقديم النفس فداءً للمحبوب، وهذا ينطبق على المرأة والرّجل، وإن كان العطاء يبقى وسيلة تعبير عن الحب عند الرّجل تقابله الرِّعاية كوسيلة تعبير عن الحب عند المرأة.

بعض النِّساء يبقى الحب لديهنّ كحب الأطفال حب أخذ وتلقٍ، وبالتالي يبقين كالأطفال كثيرات التّطلُّب للرِّعاية والحنان والاهتمام، وأكثر الرِّجال قدرتهم على الرِّعاية والحنان والاهتمام محدودة بطبيعة الخلقة، إذ هم مهيؤون للعمل والعطاء المجسّد أكثر، لذا هم يتضايقون من الزّوجة الاعتماديّة غير الناضجة الّتي تريد من الزّوج أن يكون أباً لها أكثر منه زوجاً مثله مثلها وفي حاجة إلى رعايتها وحنانها واهتمامها كما هي في حاجة إلى رعايته وحنانه واهتمامه.

أمّا الاستقلاليّة فمطلب نفسي عظيم الأهميّة عند الرّجل منذ طفولته، وهو حسّاس جداً لها، ويرى في تصرفات المرأة اعتداءً عليها في كثير من الأحيان الّتي لا تشعر المرأة فيها أنّها اعتدت على استقلاليّته.

إنّ سؤالها له أين سيذهب ومتى سيعود، سواء نبع عن الغيرة والخشية من فقدها له، أو نبع عن رغبتها في أن تشاركه كل شيء بما فيه معرفتها أين يذهب ومتى سيعود، هذا السّؤال دائماً يزعج الرّجل الّذي يرى فيه تدخلاً في شؤونه، أو يرى فيه خوفاً عليه ومحاولة لحمايته كما لو كان صبيّاً صغيراً. ولعلّ المثل مفيد للنِّساء من أجل فهم نفسيّة الأزواج وطريقة تفكيرهم، ممّا يساعدهنّ على تحقيق حياة زوجيّة أكثر سعادة.