المقالات
حياتنا الزوجية في القرن الجديد
Whatsapp
Facebook Share

حياتنا الزوجية في القرن الجديد

بقلم الدكتور محمد كمال الشريف


 

الأطباءُ النَّفسيُّونَ يَرجونَ أن يأتيهم المستقبل القريب بالكثيرِ في مَجالِ المَعرفةِ الدّقيقةِ بأسبابِ الاضطراباتِ النّفسيّةِ الّتي تُصيبُ الإنسان، ممّا سَيُمَكِّنهم مِنَ الوصولِ إلى العِلاجاتِ الشّافيةِ لها، فالأمراضُ النَّفسيَّة كلّها لها أساسٌ عضويٌّ يَتَمثَّلُ في خللٍ كيماويٍّ أو كهربائيٍّ أو تَشريحيٍّ أو هرمونيٍّ في خلايا الدِّماغِ البَشري، هذا دونَ أن ننسى دورَ العَواملِ النَّفسيّةِ والاجتماعيَّةِ في التّعجيلِ بظهورِ هذه الاضطراباتِ عندَ مَن هو مُهيَّأ لها بِحُكمِ تَكوينه وبُنيته، أو تأجيل ظهورِها، بل حتّى منعه تماماً رُغمَ وجود الاستعدادِ لدى الشّخصِ المُعيَّن.

 

ويَتَضِحُ لنا دور العواملِ النَّفسيَّةِ والاجتماعيّةِ على الصِّحَّةِ النّفسيَّةِ للإنسانِ مِن خلالِ الدِّراسةِ الّتي أُجرِيَتْ على مَرضى الفِصامِ في عددٍ مِن الدّولِ، بعضها دولٌ صناعيَّةٌ غربيَّةٌ وبعضها دولٌ مُتَخلِّفةٌ آسيويَّةٌ أو إفريقيَّةٌ، فكانت نتيجتها أنَّ مَريضَ الفِصامِ في الهندِ مثلاً يَتَحسَّنُ بالعِلاجِ أكثر بكثيرٍ مِن مَريضِ الفِصامِ في بريطانيا رُغمَ الفارقِ المُتَوَقَّعِ في جودةِ العِلاجِ بينَ البلدين، وليس هنالك مِن عوامِل تُفَسِّرُ ذلكَ إلّا وجود التّرابُط الاجتماعي والإيمان الدِّيني في الدُّولِ المُتخلِّفةِ، بينما غابَ ذلك إلى حدٍّ كبيرٍ في الدُّولِ الصِّناعيَّةِ الغَربيَّة.

 

ورُغمَ كلّ المُعوِّقات فإنَّ بُلدانَنا سَتَدخل عَصرَ التَّقدُّمِ الصِّناعيِّ إن عاجلاً أو آجلاً، وبالتّدريجِ تتَّجه مُجتمعاتنا إلى أنماطٍ معيشيّةٍ مُشابهة لمَعيشةِ النّاسِ في أوربا وأمريكا ممّا يُنذِرُ بحدوثِ التَّفكُّكِ الاجتماعي والتّحرُّرِ مِنَ التّقاليد، وتَبَدُّل القِيَم الّتي تَحكُم سلوكَ النَّاسِ عندنا، وهذا كلّه سوف يُؤثِّرُ على الحياةِ الزّوجيَّةِ في مُجتمعاتِنا تأثيراً مُباشراً، كما سوفَ يُؤثِّرُ فيها تأثيراً غير مُباشر يأتي مِن خِلالِ تأثيره على الصِّحَّةِ النَّفسيَّةِ عند الأزواجِ والزّوجاتِ عموماً.

 

فالزّواجُ يُؤثِّرُ في الصِّحَّةِ النّفسيَّةِ عند الزّوجين ويَتأثَّرُ بها، إذ بَيَّنَت الدِّراساتُ أنَّ المُتزوِّجينَ يَتَمتَّعونَ بصحَّةٍ نفسيَّةٍ أفضل مِنَ الصِّحَّةِ النَّفسيَّةِ عند العُزَّابِ أو المُطلّقينَ أو المُتَرَمّلينَ مِنَ النِّساءِ والرِّجالِ. ولا غَرابةَ في ذلكَ ونحنُ نَعلَمُ أنَّ الله خَلَقَ الزّوجيَّةَ والزّواجَ لِيَسكُنَ كلٌّ مِنَ الزّوجينِ إلى الآخر، والسّكنُ النَّفسيُّ والاطمئنانُ والشّعورُ بالأمنِ والأمانِ هو القاعدة الرَّاسخة للصِّحَّةِ النَّفسيَّةِ عند الإنسان.

 

لكن الحياة الزّوجيَّة تتأثَّرُ سوءاً إن كان هنالك اضطرابٌ نفسيٌّ عندَ أحدِ الزّوجين أو عند كليهما، فالزّوجُ المُكتئبُ عصبيٌّ غَضوبٌ، أو صامِتٌ خامِلٌ يَرمي الحِملَ والأعباءَ على زوجته، أو فاقدٌ للرَّغبةِ الجنسيَّةِ أو حتّى للقدرةِ الجنسيَّة، أو زاهدٌ في أيَّةِ مُتعةٍ حتّى لو كانت نُزهةً تَخرُجُ فيها العائلة إلى الهواءِ الطلق... وكذلك الزّوجةُ المُكتئبةُ الّتي تُصبحُ نَزِقةً كثيرةَ الصّراخِ أو حزينةً بائسةً يائسةً لا رَغبةَ لها في شيء، تتهَرَّبُ مِن زوجها إن رَغِبَ بها جنسيَّاً، وتُكثِرُ مِنَ الشّكوى والبُكاء والأوجاع، وغير ذلك كثيرٌ ممّا يُفقِدُ الحياةَ الزّوجيَّةَ الكثيرَ مِن بَهجتِها وحَيَويَّتها ويَفسحُ المَجالَ لأن يَفهمَ كلّ مِنَ الزّوجينِ الآخر فهماً مَغلوطاً، فَتَظُنُّ الزّوجةُ أنَّ زوجها العَصبي الّذي لَم يَقْرَبْها منذ أسابيع لَم يَبقَ يُحبّها، ورُبَّما قلبه معَ امرأةٍ أُخرى، أو يَظُنُّ الزّوج أنَّ برودَ زوجته الجنسي وتَهرُّبها منه رَفضٌ له شخصيَّاً، فَيَمتَلِئ غيظاً ويَكثرُ غضبه مِن تَوافِه الأمورِ لأنَّه لا يُعَبِّر عن السَّببِ الحقيقي لِغيظِه، فهو يرى في ذلكَ علامة ضَعف وإقراراً بالاحتياجِ وبالتّالي نقصاً في الرُّجولة.

 

والاكتئابُ يُصيبُ سدس النِّساءِ وعشر الرِّجالِ على الأقل، وهذا يعني أعداداً كبيرةً جدَّاً مِن الأُسر يعقيها الاكتئابُ النَّفسي الّذي هو مَرَضٌ كباقي الأمراضِ، لا يَختَلِفُ عن الدَّاءِ السُّكَري أو ارتفاعِ الضّغطِ أو غيره إلّا أنَّ أعراضَه نفسيَّة وليست جسديّة، لكن أسبابه في الغالِب عضويّة جسديّة ولا ذنبَ لأحدٍ في الإصابةِ به.

 

وإذا ما ذَكَرنا القَلَقَ النَّفسي والوسواسَ القَهري، وداءَ الشّك، والاضطراباتِ الجنسيّة عند الرِّجال والنِّساء، والاضطراباتِ العَقليَّة، وعيوبَ الشّخصيَّة والإدمان، واضطرابات الأكل وغير ذلك مِن الاضطراباتِ النَّفسيَّةِ الّتي لو جَمَعنا نِسَبُ مَن يُصابُ بها في المُجتمعِ لرُبَّما وَجدنا ثلث النَّاسِ مُعَرَّضينَ لشيءٍ منها، وهذا يَعني أنَّ أكثرَ مِن ثلث الأسرِ في المُجتمعِ مُعرَّضةٌ للمُشكِلاتِ الزّوجيَّةِ بسببِ إصابةِ أحد الزّوجين باضطرابٍ نَفسيٍّ مِن نوعٍ ما.

 

ونحنُ نَتَفَاءلُ أن يَصِلَ الطّب النّفسي في القرنِ الجديد إلى عوامل المَرضِ وسُبُل العِلاجِ الشّافي الّذي سَيعني حياةً زوجيَّةً أكثر سعادةً لأعدادٍ لا تُحصى مِنَ البشرِ، كما نَتَفاءلُ بِما فَضَّلَنا الله به على غيرِنا مِن هدايةٍ وإيمانٍ يَحمينا مِنَ التَّفكُّكِ الاجتماعي الّذي أصابَ غيرنا، فنحنُ الحُبُّ في دينِنا عِبادةٌ، وصِلَةُ الرَّحمِ عِبادةٌ، والوقتُ والمالُ اللّذان يُستهلَكان فيها وَعَدَ الله عليهما زيادة في العُمرِ وزيادة في الرّزق، وليس هنالِك ما يَزيدُ في العُمرِ المَكتوبِ للإنسانِ إلّا البِّر وصِلَة الرَّحم...

 

القرنُ الجديدُ يَحمِلُ تَحدِّياتٍ كثيرة لَنا ولِحياتِنا الزّوجيّة، لكنَّه إن شاءَ الله يَحمِلُ الكثيرَ مِنَ الخيرِ أيضاً، فنحنُ في عَصرٍ صارَت فيه الحياةُ الزّوجيّةُ فَنَّاً وعِلماً، وصارَ لدينا مِنَ العِلمِ ما يُفيدُ كثيراً في فَهمِ كلّ مِنَ الزّوجين للآخرِ وفي الوِقايةِ مِنَ المُشكِلاتِ الزّوجيّةِ وفي حَلِّ هذه المُشكلاتِ عندما تَقَعُ.. نحنُ داخلونَ في قَرنٍ صارَ فيه انتقالُ المَعلوماتِ بوسائل الإعلامِ والكُتبِ والانترنت مُيَسَّراً إلى أبعدِ حدٍّ، وصار النّاسُ يسألونَ ويَبحثونَ لدى الطَّبيب النّفسي والمُعالِج النَّفساني عن حلولٍ لِمُشكِلاتهم الزّوجيَّةِ والتّربويَّةِ، ولَعلَّ القرن الجديد يَشهدُ تَحَوّل الثّقافة الزّوجيّة -وليس الثَّقافة الجنسيَّة فَحَسب- إلى مقرَّراتٍ مَدرَسيَّةٍ تُعِدُّ الفتى والفَتاة لحياةٍ زوجيَّةٍ ناجحةٍ وسعيدةٍ، كما تعِدُّهم مُقرَّرات دراسيَّة أُخرى لدورِ المُرَبي والمُرَبيَّة، إذ نحنُ بحاجةٍ إلى هَذينِ النَّوعينِ مِنَ الثّقافةِ، ومهما بَذَلَت وسائلُ الإعلامِ والتَّثقيفِ مِن جهدٍ فإنَّها لن تكونَ مُؤثِّرةً بقَدَرِ ما تُؤثِّرُ المُقرَّراتُ المَدرسيَّةُ الّتي تُدَرَّسُ بشكلٍ مَنهجيٍّ يُتابع فيها الطّالِبُ بحيث يَتمُّ التّأكُّد مِن أنَّه تَعلَّمها بشكلٍ جيِّدٍ.

 

في القرنِ الجديدِ سوف نتَقدَّمُ إن شاءَ الله في كلِّ شيءٍ، لكنَّنا قد لا نَقدر على التَّفوُّقِ على الأمُمِ الأُخرى في التّكنولوجيا أو العلومِ النَّظريّةِ والتّطبيقيَّةِ، أو في غزوِ الفضاءِ أو تكنولوجيا المعلومات، لكنَّني مُتأكِّدٌ أنَّنا سَنتفوَّقُ على الجميعِ في حياتِنا الاجتماعيَّة، وحياتنا الزّوجيّة رُكنٌ مِن أركانِ حياتِنا الاجتماعيَّة... الغربُ يَعتبرُ نفسهُ الآن في حربٍ اجتماعيَّةٍ باردة معَ العالَمِ الإسلاميِّ كما كانَ في حربٍ سياسيّةٍ واقتصاديَّةٍ باردة معَ المُعسكرِ الشّيوعيِّ.... ولَئِن انتصَرَ على المُعسكرِ الشّيوعيِّ فإنَّه لَن يَنتَصِرَ في حَربه الاجتماعيَّةِ ضدّنا، لأنَّ حياتَنا الاجتماعيَّةِ لا تُنَظِّمها قِيَمٌ مَوروثةٌ وتَقاليدٌ قديمةٌ، بل يُنَظِّمها قِيَمٌ أتت إلينا مِن رَبِّ السّماواتِ والأرض، آمَنَّا بها والتَزمنا بما تَقتَضيه مِن قواعِد في السّلوكِ، وسَنَجِدُ فيها حصناً مَنيعاً يَحمينا مِنَ الذَّوبانِ في الآخرين، وستبقى الأسرةُ الشّرعيّةُ لدينا الّتي تَهدِفُ إلى الإحصانِ والعِفَّةِ وإلى إنجابِ الذُّريَّةِ الصّالحةِ هي الأسرة السّائدة، ولَن تَظهرَ لدينا تلكَ الأنماط الشّاذّة مِنَ الحياةِ الزَّوجيَّةِ الّتي عَرفها الغَربُ في الأربعينَ سنة الأخيرة مِن مِثلِ المُساكنةِ بين رَجلٍ وامرأةٍ دونَ زواجٍ وإنجاب الأطفالِ دونَ عقدٍ يُنَظِّمُ حياة هذه الأسرة، ومِن مِثل الزّواجِ بين رَجلٍ ورَجلٍ أو بينَ امرأةٍ وامرأة، أو بينَ أخٍ وأُختِه أو غير ذلك مِن ضَلالاتِ البشرِ الّذينَ حَرِموا أنفسهم مِن هدايةِ السّماء، ثمَّ هم يُريدونَ أن يَفرضوا على باقي الأممِ طريقتهم في الحياةِ لِيُرَسِّخوا تبعيَّتها لهم على كلِّ صعيد.

 

نعم ستنطلقُ المرأةُ إلى العَملِ خارجَ البيتِ أكثر ممّا هو الحالُ الآن، وسيكون ذلك بدافعِ الحاجةِ الماليَّةِ أحياناً وبِدافعِ تحقيقِ الذّاتِ تحقيقاً وفقَ قِيَمِ الرِّجالِ ومَعاييرهم أحياناً أُخرى. والنِّساء سَيعتقدنَ أنَّ مُزاحمةَ الرِّجالِ في مهنِهم ونشاطاتِهم السِّياسيَّةِ فيه رَفعٌ لِمكانةِ المرأةِ دونَ أن يَنتبهنَ إلى أنَّهنَّ هنَّ مَن يَضعُ الرِّجالَ ومهنهم في مكانةٍ أعلى وهنَّ مَن يُقَلِّلنَ مِن قيمةِ دَورِهنَّ التّربوي والزّوجي؛ سوف يَخرجنَ للعملِ لإثباتِ أنَّهنَّ لَسنَ أقلّ مِنَ الرِّجالِ قدرةً على السِّياسةِ وإدارةِ الأعمالِ والأموالِ، ويَنسينَ أنَّهنَّ بذلكَ جَعلنَ الرّجلَ ومهنته المعيار والمقياس، وهذه أشدُّ درجاتِ التّبعيَّة، وبالتّالي سَيهربْنَ مِن تَبعيَّةٍ مُتوَهِّمةٍ في الحياةِ الزّوجيَّةِ إلى تَبَعيَّةٍ حقيقيَّةٍ تبدأُ في القِيَمِ وتنتهي في الواقعِ المُعاش. وسوف يكونُ لكلِّ ذلك أثره على الحياةِ الزَّوجيَّةِ، إذ رغمَ الكثير مِنَ الكلامِ الجميلِ عن المُشاركةِ في الحياةِ البيتيَّةِ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ طالَما أنَّهما كِلاهما يَعملانِ خارجَ البيت، فإنَّ الواقِعَ في أمريكا وأوروبا يقولُ إنَّ المرأةَ هنالك صارَت تَعملُ خارِجَ البيتِ وداخله، وظلَّ الرّجلُ يَعملُ خارجه ولا يَعملُ داخله اللهمَّ إلّا القليل القليل ومِن قبيل رَفع العَتَبِ غالِباً. إنَّ إعلاءَ النِّساءِ لقيمةِ عملِ الرّجلِ في السِّياسةِ والاقتصادِ رَسَّخَ نظرةَ ازدراءٍ للعملِ المنزلي والتَّربوي جعلَ الرِّجال أكثر أنفةً مِن القيامِ به، وهم يُعطونَ الوعودَ لكنَّهم لا يُشاركونَ في العَملِ المنزلي وفي رعايةِ الأطفالِ إلّا قليلاً، وهذا سوفَ يَترُكُ أثره على الحياةِ الزّوجيَّةِ بينَ رجلٍ وامرأةٍ تكون فيها المرأةُ مُسْتَهلكةً تماماً بالأعباءِ خارج البيتِ وداخله. وحتّى رغمَ مَعرفَتِنا أنَّ عملَ الرَّجلِ في مهنةِ أهله أي قيامه بالأعمالِ المنزليَّةِ ورعايةِ الأطفالِ لا يُقلِّلُ مِن رجولته وقَدره، طالَما كانَ سيِّدُ الرِّجالِ محمّد ﷺ يقومُ به، فإنَّ الّذي أتوقَّعه أنَّ المرأةَ ستبقى المظلومةَ والمَغبونةَ في الحياةِ الزّوجيَّةِ الّتي يَعملُ فيها الزّوجانِ خارج البيت، ومهما عَزَّتْ المرأةُ نفسها بِنجاحِها المهني أو السِّياسي فإنَّه سيبقى في أعماقِها إحساسٌ بأنَّ هنالكَ احتياجٌ نفسيٌّ وعاطفيٌّ لَم يُشْبَعْ بعد، ولن يُشبعه إلّا حياةً زوجيَّةً نموذجيَّةً يُوفِّرُ فيها الزَّوج المُتطلَّبات الماليَّة ويَقومُ بدورِ الحامي للأسرةِ والمُتَكبِّد للشّقاءِ والتّعَبِ خارجَ البيت، بينما تقومُ الزّوجةُ بدورِها الرّائع في الرِّعايةِ للزّوجِ والأطفالِ وفي جعلِ المنزِل الصّغير فردوساً يَجِدُ فيه جميعُ أفراد العائلة السَّكن النّفسي والأمن والأمان، عندها يَنعَمُ الرِّجالُ والنِّساءُ بحياةٍ زوجيَّةٍ مثاليَّةٍ، وإن كان العملُ خارجَ البيتِ للمرأةِ الّتي لا تَراهُ مُنافسةً للرِّجالِ على أدوارهم ولا تَراهُ أكرمَ لها مِن عملِها الّذي جعلها الله مُيَسَّرةً ومُهَيَّأةً له كزوجةٍ وكأمٍّ يُمكن أن لا يَمنع مِنَ الحياةِ الزّوجيَّةِ السَّعيدةِ، لكن ذلك يحتاجُ مِنَ الزّوجينِ إلى إدراكٍ صحيحٍ لِمعنى الزّواجِ والحياةِ الزّوجيَّةِ، وتَقدير كلٌّ منهما لجهودِ الآخرِ حَقّ التّقديرِ، وشعور الزّوجِ نحو زوجته الّتي خرجت مِن بيتها تَعملُ إلى جانبه ثمَّ هي تَعملُ في البيتِ أيضاً شعوره نحوها بالامتنان، وبخاصّة أنَّ عملها في البيت لَم يَفرضه الله عليها فرضاً، بل هو تَطَوُّعٌ ومُساهمةٌ مَشكورةٌ منها للأسرةِ تَستحقُّ عليها الشّكر الكبير إن كانت مُتَفَرِّغةً للبيت، وتَستحقُّ عليها الشّكر الأعظم إن كانت تَعملُ خارجَ البيتِ وداخله، وبالطّبع تَستحقُّ مِن الزّوجِ كلّ العَونِ، فهو المُكلَّفُ بالأسرةِ أمامَ الله وعليه إن كانَ كاملَ الرُّجولةِ أن يقومَ بواجبه كاملاً.

 

إن وُجِدَت الرُّوحُ المُناسبة والنّظرةُ الصّائبة لدى الزّوج والزّوجة تجاهَ العملِ خارجَ البيتِ وداخله، فإنَّ عملَ المرأةِ خارج البيت لَن يُعيقَ الحياةَ الزّوجيَّةَ ولَن يَجعلها أقلّ سعادةً وهناءً، وإنَّني مُتفائلٌ بأنَّه سيُوجَدُ هذا الفهم وتلك الأخلاق لدى نسائنا ورجالنا، لكن قد يَسبق خروج النِّساء إلى العملِ خارجَ البيتِ في القرنِ الجديد نموَ الوعي لديهنَّ ولدى أزواجهنَّ بما يَحمي حياتَنا الزّوجيَّة مِنَ الصّعوباتِ الّتي نَتوقَّعها مِن عملِ المرأةِ خارج البيت، وهذا يَعني بعض المُعاناةِ ريثما يَلحقُ وَعينا بأنماطِ حياتِنا، وعندها سننجحُ فيما أَخفَقَت فيه الأمم المُتقدِّمة علينا الآن، عندها سنتَطوَّرُ صِناعيَّاً وعِلميَّاً وتِقنيَّاً مثلهم لكنَّنا سنبقى اجتماعيَّاً بخير، ولَن تتفكَّكَ حياتُنا الأُسريَّةِ على مستوى الزّوجين والأولاد أو على مستوى القرابات البعيدة، عندها سيرى الجميعُ كم نحنُ مُتفوِّقونَ اجتماعيَّاً بفضلِ هدايةِ الله ودينه الكامل ونعمته التّامّةِ علينا.

تعليقات

لا توجد تعليقات بعد


تعليقك هنا
* الاسم الكامل
* البريد الإلكتروني
* تعليقك
 

حقوق النشر © 2017 جميع الحقوق محفوظة